الثلاثاء، 19 أبريل 2011

عجائب القبة الفولاذية

إن الاستعمال العملياتي (الذي سبق ما خُطط له) والنجاح المذهل لنظام القبة الحديدية قد أضاء مصابيح حمراء عند كل اولئك الذين أفسدت الحقائق عليهم نظريتهم. كان من المسلي أن نرى في وسائل الاعلام المكتوبة والمصورة كثيرين عارضوا القبة الحديدية وأصبحوا فجأة أنصار تصور الدفاع الفعال ويقفون في الصف لتلقي الأوسمة التي لا يستحقونها. ولم يكن أقل من هذا تسلية أن نستمع للتفسيرات المتلعثمة شيئا ما للكلفة المبالغ فيها للنظام، وكيف تهدد القبة الحديدية بافراغ خزانة الدولة. ففي حين كان اولئك الذين يرون أنفسهم خبراء يُبينون بحماسة في قنوات التلفاز وفي الصحف أن ليس من الجدوى الاقتصادية اطلاق صاروخ تثبيط باهظ الثمن على صاروخ غراد رخيص، تدفق سكان عسقلان وبئر السبع بجماهيرهم الى بطاريات القبة الحديدية ووزعوا على محاربي قيادة الدفاع الجوي الحلوى والبوريكس، وصفقوا لهم شاكرين انهم أنقذوا حياتهم. مع مرور الوقت أخذ يتبين عظم انجاز تشيكو كوهين، ويوسي دروكر ورفاقهما من "مباط" و"رفائيل" وقيادة الدفاع الجوي في سلاح الجو. لم يدخل أي صاروخ لحماس المناطق التي عُرفت بأنها مناطق دفاع في الخطة الحربية لبطاريات القبة الحديدية. بعد يومين من الهجوم الصاروخي لم يُخدش أي مواطن اسرائيلي. سكتت صافرات سيارات الاسعاف وبقيت غرف التأبين في المقابر فارغة. لكن حقيقة انه لم تقع خسائر قد عبّرت عن بُعد واحد للانجاز فقط. أما البُعد الثاني فكان إعياء حماس والجهاد الاسلامي. وينبغي ألا يكون سوء فهم: إن هدف القذائف الصاروخية التي تطلق على مدن اسرائيل هو القتل بأكبر قدر. إن الاطلاق الذي يُحدث صفيرا فقط ليس بناءا عند المنظمات الفلسطينية. إن الظهور الحاسم للدفاع الفعال في المعركة على الجبهة الداخلية حسم الامر نهائيا عند كثيرين من محددي الأهداف في الدولة عندما تبين لهم في تشخيص واحد ان حماية الجبهة الداخلية ليست أمرا مقلقا اجتماعيا بل هي مشكلة استراتيجية. إن الترسانة الضخمة من الصواريخ البالستية والقذائف الصاروخية التي تملكها ايران وسوريا وحزب الله والمنظمات في غزة لا ترمي الى معارك مدرعات مع الجيش الاسرائيلي، إنما ترمي الى إضعاف اسرائيل بمهاجمة الجبهة الداخلية وقتل أعداد كبيرة من المدنيين الاسرائيليين. وليس في هذا جديد: ففي حرب التحرير كانت البلاد كلها جبهة والشعب كله جيشا. ومع ذلك، فانه في العقود التي انقضت منذ كان من جلبوا الى البلاد النظرية الامريكية المبنية على الفصل التام بين الجبهة الداخلية التي يحميها محيطان والجبهة القتالية الأمامية وراء البحار. ليس لاسرائيل "معبر الى البحر" - الحرب هي هنا والآن. إن المعركة على الجبهة الداخلية هي اسم اللعبة اليوم واذا خسرنا فيها فقد نجد أنفسنا ننتصر في معركة لكن من المؤكد أن نخسر في الحرب. اجل، ليست القبة الحديدية كرة فضية تقتل الأعداء جميعا بطلقة واحدة. ولا يرمي النظام الى الحماية من قذائف الرجم وينبغي أن نجد حلا لهذا التهديد الذي يعرض للخطر حياة السكان في غلاف غزة. لكن ليست قذائف الرجم بل صواريخ غراد هي التهديد لعسقلان وأسدود وبئر السبع. وفي الختام عندي توجه شخصي. استُعمل في الدولة النمساوية - الهنغارية قبل الحرب العالمية الاولى وسام امتياز خاص لضباط نقضوا الامر العسكري وأنقذوا بذلك الدولة. كان من المناسب أن يُمنح العميد (احتياط) داني غولد، الذي حكم عليه مراقب الدولة في غضب لانه دفع الى الأمام بمشروع القبة الحديدية من غير ان ينتظر شهورا طويلة لاستكمال جميع الخطوات البيروقراطية، وساما كهذا".