ملاحظات علمية وسياسية حول اعتراف إسرائيل بسرقة اليورانيوم المصري
نشرت صحيفة "المصري اليوم" يوم السبت الموافق 11 أبريل2009 تحت عنوان "اسرائيل تعترف بسرقة اليورانيوم المصري لتشغيل مفاعل ديمونة" عن سرقة
إسرائيل اليورانيوم المصري من صحراء سيناء فى خمسينيات القرن الماضى، واستخدامه فى تشغيل المفاعل النووي الشهير فى ديمونة، وإنتاج القنبلة النووية الإسرائيلية. هذه المعلومات جاءت في كتاب صدر حديثا بالعبرية أوائل أبريل 2009 للعالم الإسرائيلي "أوريئيل بخراخ" ٨٣ عامًا يسجل فيه تجربته فى سلاح العلوم التابع للجيش الإسرائيلى. وجاء فى الكتاب الذى حمل عنوان «بقوة العلم» أن البروفيسور «بخراخ» اشترك عام ١٩٤٩ فى جولة
بحثية للاستطلاع داخل سيناء. وانتحل هو وزملاؤه من سلاح العلوم بالجيش الإسرائيلي هيئة مهندسين ألمان يجرون أبحاثا جيولوجية فى سيناء، تبين من خلالها أن احتياطي الفوسفات الهائل فى شبه جزيرة سيناء يحتوى على كميات لا بأس بها من اليورانيوم. وانتهت الأبحاث بصدور قرار إسرائيلي بـ "الاعتماد" على هذا اليورانيوم المصرى فى تشغيل مفاعل ديمونة الإسرائيلي.
ولنا على المنشور ملاحظتان الأولى إقرار حقيقة علمية بحكم المهنة حيث انني جيولوجي أمارس المهنة تدريسا في الجامعة وبحثا وتنفيبا في الصحراء، والثانية استنتاج قد نختلف ونتفق فيه كل حسب فهمه للموضوع ومدى رؤيته للسم المدسوس في العسل.
الأولى ذات شقين
، أولاها أن "اليوانيوم" يوجد في خام الفوسفات، وقد يكون اقتصادي وأو غير اقتصادي. ثانيها أن "سيناء" خالية من خام الفوسفات حسب المعلومات الموثقة في بيت الجيولوجيا المصري "هيئة المساحة الجيولوجية المصرية" ففي عام 1990 كنت وقتها أعمل بهيئة المساحة الجيولوجية المصرية –قبل انتقالي للجامعة- قام فريق من الجيولوجيين المصريين بـ"إدارة تقييم الخامات" لتقييم ما بدا على أنه صخور فوسفاتية، وانتهى الأمر إلى أنها كميات قليلة جدا عير ذي جدوى اقتصادية، ولم يكن يوما خام الفوسفات من الخامات المعدودة تعدينيا في سيناء. يأتي بعد ذلك التساؤل: إذا كان الاعتراف سيد الأدلة فكيف نشكك فيما يقوله عالم صهيوني، ونتسامح ونبرر للصهاينة سرقة أهم سلعة استراتيجية يعتمد عليها تقدم العالم سلما وحربا.
وهنا تأتي الملاحظة الثانية، وقبل الدخول فيها استأذنكم ان تشاركونني التفكر فيه–وليكن بعد ذلك لكل استنتاجه- عن توقيت النشر وشخصية المؤلف، أما عن توقيت النشر وناهيك عما يضمره الصهاينة من شر لمصر وإيجاد حيل لاستعادة سيناء، فيمكن القول ببساطة انه الوقت الي انتهى فيه المؤلف من الكتابة، وعن شخصية الكاتب أنه من جيل الأباء المؤسسين لما يسمى بـ"دولة اسرائيل"، وتحقيق حلم الدولة اليهودية من النيل إلى الفرات، فهل كان العالم "أوريئيل بخراخ" ٨٣ عامًا، يريد أن يشكر مصر على حصوله على اليورانيوم مسروقا؟ أم يدين نفسه بلصوصية تستحق التعويض ماديا؟ ام يريد لفت أنظار المصريين لوجود خام يحتوى على عنصر استراتيجي هام لم يكتشفه المصريون من قبل؟
هذه التساؤلات تقود إلى استنتاج ما ورد ذكره من تواجد لليورانيوم في سيناء، والهدف منه لفت أنظار العالم والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتضع سيناء تحت المراقبة الدائمة في ظل حكم خانع للصهيونية وخائن لوطنه مصر، واستخراج وتوليد مصطلح جديد يسمى "حظر استخراج الخامات النووية" على غرار "حظر انتشار الاسلحة النووية"، تقع مصر بموجبه تحت طائلة قانون ربما يجري الإعداد له قريبا، أوسيطرة
قوة غاشمة عليها لا طاقة لها بمنازلتها ولا حتى مناوئتها في فرض السيطرة على سيناء، وأسرها كاملة تحت رحمة ما يسمى بالهيئات أو الوكالات الدولية، لنزعها من حضن مصر الأم، درءا لنزعة وطنية قوية ولهجة شابة جديدة متحدية الخنوع والخيانة تطالب بإلغاء اتفاقية السلام ومعاهدة كامب ديفيد واستعادة سيناء كاملة السيادة لمصر الوطن، تكون درعا لمصر في الشرق ومعبرا يسهل الحركة من شرق العالم العربي لغربه.
سيناء مصرية بصبغة عربية، وليست مبالغة أن سيناء هي أهم ما في مصر، ويغري الأعداء باحتلالها أو غزلها حتى لاتكون خالصة لمصر. وقد يجلب هذا التصريح أو هذه المعلومة الكاذبة استدعاء قوات دولية لمراقبة الخامات النووية ومنع استغلالها، وعزل سيناء بقوات دولية لمزيد من إحكام الخنق على قطاع غزة، وتحويله إلى مقبرة مفتوحة بعد سحق مقاومة لايمكن لها ان تغمض الجفن، فكيف لها أن تسحق!!
باختصار معلومات كاذبة الهدف منها إثارة القلاقل مع مصر وعزل سيناء عنها بقوات أو وكالات دولية بحجة وجود خامات نووية تستخدمها مصر لتصنيع قنبلة نووية.
يحيى القزاز